أربعة استخدامات للذكاء الاصطناعي في التعليم

أربعة استخدامات للذكاء الاصطناعي في التعليم

الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) هو مجال من مجالات العلوم الحاسوبية يهدف إلى تطوير أنظمة تكنولوجية قادرة على محاكاة الذكاء البشري وتنفيذ مهام تعتبر تقليديًا مقتصرة على البشر. يتم تحقيق ذلك من خلال استخدام تقنيات البرمجة وتعلم الآلة والشبكات العصبية والتحليل الذكي للبيانات.


كما يستند الذكاء الاصطناعي على فكرة تطوير أنظمة قادرة على التعلم والتكيف واتخاذ قرارات بناءً على البيانات المتاحة. يتضمن تعلم الآلة (Machine Learning) تطوير النماذج والخوارزميات التي تسمح للنظام بالتعلم من البيانات المتاحة واكتساب الخبرة وتحسين أدائه مع مرور الوقت. بينما يعتبر التحليل الذكي للبيانات (Data Analytics) عملية استخراج المعرفة والأنماط من البيانات المتاحة لاتخاذ قرارات مستنيرة.


كما أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تتراوح من الروبوتات الذكية ومساعدي الصوت الشخصية إلى نظم التشخيص الطبي وتحليل البيانات الضخمة والتعلم الآلي في السيارات المستقلة والترجمة الآلية والتعلم الآلي في الألعاب وغيرها الكثير.


وعلي الرغم من  أن الذكاء الاصطناعي ليس تمامًا بديلاً عن الذكاء البشري، إلا أنه يمتلك إمكانات هائلة في تحسين العديد من المجالات وحل المشكلات المعقدة. تطور الذكاء الاصطناعي بشكل سريع في السنوات الأخيرة ولديه تأثير كبير على الاقتصاد والمجتمع والتكنولوجيا.


ومع ذلك، تثير التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي أيضًا أسئلة وتحديات حول الأخلاقيات والخصوصية والتأثير على سوق العمل وتوزيع الثروة. لذلك، يُعَد فهم الذكاء الاصطناعي وتأثيراته وتطبيقاته وتحدياته موضوعًا مهمًا في العصر الحالي.


وهناك العديد من الإستخدامات المفيدة للذكاء الإصطناعي متنوعة و تغطي مجالات واسعة . أحد أهم تلك المجالات, وربما أقلها بحثا من قبل خبراء الذكاء الإصطناعي , هو المجال التعليمي وخاصة للأطفال. فيما يلي أربعة استخدامات ممكنة للذكاء الإصطناعي في مجال التعليم:

1- التعلم التفردي (personalized learning):-

ختلف البشر فينا بينهم اختلاف طبيعي في المواهب والقدرات والذكاء والمهارات كما ونوعا ، ذلك ينتج فروق فيما بينهم في القدرة والسرعة على التعلم في مجالات معينة مثل فهم المفاهيم النظرية وربطها او التصور او الذاكرة و حفظ المصطلحات . نظام التعليم الحالي يتبنى مبدأ المساواة في التعليم ، فالجميع يحضر نفس المادة ويستمع لنفس المحاضرة ويدخل نفس الاختبار الموحد لتحديد الكفاءة المؤقتة لإتقان مهارة مطلوبة من المادة, بغض النظر عن الفهم او تطبيق المفاهيم مستقبلا.  إذا ما تم تجميع مجموعة كبيرة من البيانات لكل طالب ( او مجموعة من الطلاب ) وتكون هذه البيانات مربوطة ببيانات عن خلفية الطالب و توجهه .  يمكن عمل نظام اقتراحات (recommender system)  يستطيع توقع نوع المادة التي سيستوعبها الطالب و ستزيد من نسبة تعلمه بالنسبة القصوى . حيث سيُصبِح كل طالب لديه منهج منفصل واختبارات منفصلة عن الآخرين!  لكن ستظهر مشكلة المساواة حيث انه قد يحدث في حالات ان المعلم التفردي سيمثل عائق على البعض وذلك قد يضر بمصداقية هذه الأنظمة . ما بزال الموضوع يشكل تحدي كبير وهناك محاولات على نطاق ضيق لتطبيق مثل هذه الأنظمة . فمثلا شركة Aleks في أمريكا ( تم الاستحواذ عليها من الناشر McGrew Hills )  تقوم بتحديد مدى استيعاب كل طالب لمفهوم رياضي معين  بالذكاء الإصطناعي و تقترح مسار تعلمي خاص بكل طالب

2-  فهم مراحل تعلم الطفل

تقنية الشبكات العصبية الإصطناعية (Artificial Neural Networks) تشبه التشابك العصبي في الدماغ من حيث المبدأ . لذلك تدريب هذه الشبكات على مهمة معينة وملاحظة اثر التدريب على الأداء (performance) ونوعيته قد يكشف ألغاز عن عملية التعلم بحد ذاتها . حيث في علم النفس يتم دراسة التعلم المبكر للأطفال من ناحية سلوكية (behavioral study) وهذه التجارب تكون على نطاق ضيق ولا يمكن تكرار التجارب,  والنتائج التي يتوصل لها عادة يصعب إثباتها . بينما تدريب الشبكات العصبية سهل و منخفض التكلفة ويمكن تكراره آلاف المرات ويمكن معرفة نوعية وجودة التعلم وقياسها . بمقارنة هذه التجارب مع تجارب السلوك ونتائجها يمكن عمل إطار جديد لنظريات التعلم والتي بناء عليها يتم وضع أساليب التعلم ومناهج التعليم في المراحل الدراسية الإبتدائية. هذه النظريات الجديدة قد ينتج عنها نظام تعليمي مختلف تماما عن الذي نعرفه حاليا

3- الأنظمة المدرسية الرقمية:

تعتبر المدارس والطلاب مصدر كبير للبيانات حيث يمكن عمل أنظمة مدرسية قادرة على إدارة بيانات المدارس والطلاب في آن واحد وحفظها على شكل قواعد بيانات ضخمة. هذه البيانات الضخمة يمكن استخدامها في تدريب شبكات عصبية ضخمة تستطيع تنبؤ الضعف على المستوى الفردي للطالب والنقص في الموارد المادية والبشرية على مستوى المدارس والجامعات قبل حدوثه .  يعتمد الذكاء الإصطناعي على البيانات  - الكثير منها- ولذلك ستستاعد مثل هذه الخوارزميات الوزارات والمدارس على اتخاذ قرارات معلوماتية (informed decisions) بخصوص مؤسساتهم مما سيزيد من جودة المخرجات التعليمية و يقلل من تكاليف هذه المدارس . مثال بسيط على ذلك : يمكن جمع بيانات إعداد الكتب واستخدامها واسترجاعها و أعداد الطلاب من المدارس على مر سنوات سابقة ، ومن قم تنبؤ الحاجة من الكتب في مختلف مدارس المملكة في السنة القادمة بناء على العدد المتوقع للطلاب في كل المدارس .. وبذلك يتم إرسال الكمية المثالية للكتب للمدارس بدل من الزيادة و النقص التي تحصل كل عام وتتسبب في تأخر استلام الطلاب لكتبهم الدراسية إلى منتصف الفصل الدراسي في بعض الأحيان . تعتبر شركة كلاس إيرا احد الشركات السعودية الرائدة في الأنظمة المدرسية الرقمية ولديهم مبادرات جيدة في هذا المجال

4- التفاعل اللغوي البصري مع الأطفال

يعتمد الأطفال في المراحل الأولى من الحياة على التعلم بالتقليد . حيث انهم يبدأو بتقليد حركات امهاتهم بالتبسم والضحك ومن قم تقليد الكلمات التي ينطقونها و من ثم تقليد الحركات من المشي والأكل وغيرها . وفِي نفس الوقت يقوم الوالدين باتباع اُسلوب معين في تكرار حركات وكلمات معينة لتقليل المتغيرات التي يتعلمها الطفل من أجل تسهيل تعلم الطفل لهذه الحركات والكلمات .هذا الأسلوب البدائي في التعليم يحتاج تآزر عصبي عضلي معقد في الطفل يقابله تفاعل لغوي وبصري من الوالدين ومحاولتهم التفاعل مع الطفل . هناك اُسلوب في الذكاء الاصطناعي يتبع نفس الأسلوب البدائي ويستخدم في تدريب المركبات ذاتية القيادة يعرف بالتعلم بالتفليد (imitation learning) . مع التطور في تقنيات الذكاء الإصطناعي فانه تتوفر الآن روبوتات تستطيع عمل اُسلوب التعليم البدائي مع الطفل حيث يستطيع قراءة وفهم تفاعل الطفل و عمل حركات وإيماءات و غيرها تساعد الطفل على التعلم . ما تزال " أتمتة الأطفال " في بدايتها لكنها قد تنتج جيل من الأطفال يستطيع التعلم أسرع من الأطفال الاعتياديين و قد ينتج جيل بشري "غيرطبيعي" برعاية الذكاء الإصطناعي لا يمكن توقع مخرجاته ...